يكتب أسامة أبوزيد أن تعيين كميل إدريس رئيسًا للوزراء في السودان أثار جدلًا واسعًا حول مدى واقعية الانتقال المدني في ظل هيمنة الجيش على الحياة السياسية.

تشير منصة ميدل إيست آي إلى أن إدريس أصبح أول رئيس وزراء دائم منذ استقالة عبدالله حمدوك في يناير 2022، إلا أن تعيينه من قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أثار ردود فعل متباينة. مؤيدون اعتبروا الخطوة فرصة لاستئناف التحول الديمقراطي مستشهدين بخبرة إدريس وعلاقاته الدولية، بينما اعتبرها منتقدون خطوة تفتقر إلى الشرعية الشعبية، تعزز سيطرة المؤسسة العسكرية عبر واجهة مدنية.

يثير هذا الانقسام تساؤلات أوسع حول الدور العميق الذي يلعبه الجيش في السياسة، رغم أن الاتفاقات الانتقالية السابقة دعت إلى حياد المؤسسة العسكرية.

التوترات تصاعدت بسبب الحرب المستمرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، والتي فاقمت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.

أعلن إدريس عن تشكيل "حكومة أمل" تكنوقراطية غير حزبية، لكن قوى سياسية مدنية رئيسية انتقدت الخطوة، متهمة إياه بتهميش التحالفات التي قاومت الحكم العسكري.

رغم تعهده بإطلاق حوار شامل، إلا أن قوى مثل حزب المؤتمر السوداني، وحزب البعث، وتحالف "صمود" بقيادة حمدوك، رفضت شرعية الحكومة، واتجهت إلى التفاوض المباشر مع أطراف النزاع، متجاوزة حكومة بورتسودان.

إدريس حل الحكومة السابقة في يونيو، ما أثار احتجاجات من الموقعين على اتفاق جوبا للسلام الذين اعتبروا الخطوة انتهاكًا لحصص السلطة المضمونة لهم، خصوصًا نسبة الـ25٪ المنصوص عليها في الاتفاق الدستوري لعام 2019.

انتقادات تصاعدت ضد الاتفاق نفسه، مع مطالبات بمراجعته أو إلغائه، وسط تحذيرات من تقويض الثقة السياسية وإضعاف الوحدة الوطنية.

وفي خضم هذه الخلافات، بدأ إدريس تشكيل حكومته بتعيين وزراء للدفاع والداخلية، ثم وزراء للزراعة والتعليم العالي والصحة، وأكد أن الاختيار تم بناءً على الكفاءة.

مع ذلك، أثارت التعيينات جدلًا واسعًا بسبب خلفيات بعض الوزراء، حيث شغل بعضهم مناصب في حكومات سابقة محسوبة على انقلاب 2021، ما دفع المنتقدين للتشكيك في استقلالية الحكومة الجديدة.

أبرز الأسماء التي أثارت الجدل كانت محاسن يعقوب، وزيرة التجارة الحالية والتي شغلت المنصب ذاته سابقًا، وعبد الله محمد دارف، وزير العدل المعروف بولائه للحكومة السابقة.

هذه التعيينات اعتُبرت تكرارًا لنفس نماذج الفشل السابقة، ما أضعف مصداقية الحكومة أمام الداخل والخارج، خصوصًا في ظل مبادرات أمريكية لحل الأزمة.

في المقابل، أعلنت تحالفات مدنية أخرى، مثل تحالف تأسيس (تأسيس) بقيادة حميدتي، تشكيل حكومة موازية تحت اسم "حكومة السلام والوحدة"، بعد صياغة ميثاقها نهاية يوليو.

التحالف يضم قوى رفضت حكومة إدريس، ويسعى إلى تأسيس دولة علمانية لا مركزية، مستندًا إلى دعم جزئي من حركات مثل جناح عبد العزيز الحلو في الحركة الشعبية.

بهذا، تكشف تجربة "حكومة الأمل" عن الانقسامات العميقة بين الفاعلين المدنيين والعسكريين، وداخل القوى المدنية ذاتها. الانقسام المجتمعي وتضارب المصالح وانعدام الثقة في المؤسسات ينذر بانهيار شامل إن لم تُفتح قنوات حوار توافقي.

فالسودانيون باتوا يطالبون بإجراءات حقيقية لا مجرد وعود أو مسميات.
https://www.middleeasteye.net/opinion/why-sudanese-people-are-losing-faith-government-hope